الجمعة، 2 سبتمبر 2016

الذَّوقُ العَام وَ الطَبَقِيَّة المُجتَمَعِيّة




مَن يَتَحَكّمُ فِي الذَّوقِ العَام ؟ العَرضُ أَم الطَلَب أَم الاِثنان نَتيجَة لِبَعض ؟


يَسهُل خِداعُ الشّباب لِأَنَّهُم يَستَعجِلونَ الأَمَل.-أرسطو
لِلأَسَف المُجتَمَع العَربي أَصبَح طَبَقات وَ بَين كُلّ طَبقةٌ و طَبقَة مَسافَةٌ كَبيرةٌ جِدًا كَفَنارِ الاسكَندَرِيّة في عصرها .
فَلِما يَختَارُ البَعضُ تِلكَ الموسِيقى التِي نَستَمِعُ لها في الشّوارِع أو في بَعضِ الأَفراح الشّعبِية ؟
بِبساطَه لِأنّها  ما يَقدِرُ على شِراءِها أَو اِحضارِ مَن يُغنِّيها ,
فَهل تَعتَقد أن شَخصٌ ما يَعيش في عَشوائيّات يَقدِر أَن يَتعاقَد مع عمرو دياب مثلا أو أن يشتري ألبومه ؟  ليحيي حفل زفاف ابنه ؟أو أنه يراه في فيديوهاته و هو يغني في رفاهية و حوله الحسناوات هل يجد أي علاقة تشده لمشاهدته ؟
  بالطّبع لا................. و لَهذا يَختار البَديل المُتَوفّر لأن اِحضار مُغني في فَرَح اِبنَه يُعتَبَر رَفاهِية بِالنِسبَة لِمُستَواه الاِقتصادي المُنعَدِم الذّي يُلامِس الفَقر اِن لَم يَتعدّاه لِما هُو دُونَه لِلأسَف لَكِنّه مُغني يَعرِف مُعاناتِه وَ يَذكُرها في أَغانيه بِأُسلوبٍ دَارِج لَكِنّه لَم يَتعَلم في معهد الغناء العَربي . 
المُنتِجون لِلأَفلام المُسِفّة و الرَخيصَة كَما كَان يَحدُث في السِّتينات و السّبعينات و الثمانينات و حتى الآن , كلهم من نفس الفكر  ......

 اللّحم الرَّخيص و إثارَة و الأَغاني الشّعبِية 

لِأنّ هَذا ما سَيُقبِل عَليه و يَلتَهِمَه بِنَهَم هُم المُحتاجِين لِلهُروبِ مِن واقِعِهم المُؤلِم بأي مُخدِّر لِيَنسوا وَاقِعَهُم , ولِأَنّ تِلك الشَريحَة أَصبَحَت عَريضَة فَلم يَعُد أَحَد يَهتَم لِاَي شَخصٍ اَخر يَدعو لِلسُمو بالثَقافَة العامَة , لِأَنّ ما الأَسهَل اِحضار رَاقِصَة تَتَعرّى امامَ الكامِيرا و مُغني فاشِل يُغَني بِجوارها , أَم عَمل قِصّة و حِوار و تَكليف مُؤلِّفين وَ اِنتاج و و عَمَل تَجرُبة سِينِمائية هادفة لها قصة و تُعلِّم المُشاهِد شَيئًا مُفيدًا , 
بِالطّبع الفُحشُ هُو ما سَيكسِب في تَوفِير المِيزانِية .
و المُراهقين و الشّباب الذّين يُعانونَ بِسَبَب الظُروف الاِقتِصاديّة المُذرِية و البَطالَة يَجِدون  في تِلكَ الأَفلام مُتَنَفسٌ فاسد للأسف لهم,  بسبب علمهم   جيدا أنهم لا يَملِكونَ ما يَكفي لِلزَواج اِلّا قَبل سِن الأربَعين .
وَ سَيُطرَح سُؤالٍ آخَر اذا كَان هَؤلاءِ الشّباب يَعلَمون أَّنّهم يُستَغلّون و يُثارون بِقَصدِ الاِتجار وَ كَسبِ المَال مِن ورائِهم فَلِما يُنجَرّونَ خَلف تِلك المَوجاتِ الفَاسِدة ؟


الاِجابَه بِبَساطة لِاَنّهم لَم يَجِدوا احدًا يَهتَم بِهِم لا بِحُسن ولا بسوء اتجاه من الاساس , انّهُم مُهَمّشون مُجتَمعِّيًا و عائِلِيًّا و بالتِالي أي شَخص يُعطيهم وَلو ذَرّة اِهتِمام بِهِم يَلهَثون وَراءَه .
فِي النِهاية لا تَستَهينوا و لا تَسخَروا مِن أَذواقِ البسطاء ,

  لأنّ مُجتَمعاتِنا لَم تَمنَحهُم أَفضَل مِن ذلك , و ذَلك ذَنبِ المُجتَمعِ نَفسُه , كَذَنبِ المُجتَمَع في وُجودِ أطفالِ الشوارع أو لُصوصٍ فُقَراء أَو عاهراتٍ للأسف . 
لَقد أخذَ مِنهُم الخيار و ترِكوا لِيَبحَثوا عَن ما يُبقيهم و يُشعِرَهُم أنهم بَشر مثلهم مثل باقي مَن يَرونَهُم حتى لو كان سُمًّا ما يَتَناوَلون.


الخُلاصَة ... اِجعَلوا الفُنون وَ الثّقافَة مَجّانِية للفقراء و المُحتاجين , لَكِن لا تَنسَوا  
 لا يَستَمِع لِموسيقى جَمِيلة مَن يَستَمِع لَانِين مِعدَتِه مِن الجُوع و المَرَض .
 ثانيا ... اشغَلوا فَراغَ الشّباب لِانَها مَدخَل لِفسادِهِم والكَثير مَن يَستَفيد مِن فَسادِهم دَاخِل و خَارِج مُجتَمعاتِنا لِلأَسَف .

طوبى ...

لِمَن جمع بين هِمّة الشّباب و حِكمَةُ الشّيوخِ 

(طه حسين)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق